أنا وهؤلاء
سيف سكر
15 سنة
دخلت في قاعة فسيحة, قالوا لي : إن هناك جلسة عن موضوع معين دخلت فيها، كان موجود هناك أناس لا أعرفهم, إنهم غريبون عني جلست وأنا أنظر فيهم إنهم طبيعيون، أعني أليسوا بشر مثلنا ليس فيهم صفات و لا أشياء قد اخترقت أنظمة الطبيعة وقوانينها أو اخترقت طبيعة الإنسان وشكله فكلنا من جنس واحد؟!
حتى بدأ الكلام كانوا يتكلمون بثقة كبيرة بدون تردد أو خوف, حتى بدأ كلامهم يشعرني بالخوف والخجل وسيطر عليّ الصمت, أصبحت أنا والصمت كالأم ورضيعها فالرضيع لا يقبل أن يترك أمه مهما حاولت, و أصبحت أنا وهو كالشخص وظله لا يفارقه أبدا, في أيامنا هذه إذا سيطر الصمت على أحد لا يفارقه إنه كالداء المميت, وقد أصبح علينا نحن العرب أن نصمت دوما !!
نظرت إلى الأرض خوفا من نظراتهم كانوا يختارون الكلمات بدقة وتركيز, كالرسام الذي يرسم لوحة فيختار كل لون بدقة وبعد عناء طويل حتى تظهر جميلة وكاملة, لم أدري لم سيطر علي الخوف لعلي لم أعتد على الجلوس في مثل هذه الجلسات حيث يكون هذا العدد الكبير من المثقفين و الكتاب البارعين يكتبون في شتى مواضيع الأدب العربي و حتى غير العربي, إذا موضوع الجلسة كان بعنوان الكتابة الإبداعية !
لقد نسيت حتى لم أنا أجلس معهم لأنني في العادة أجلس مع أناس يجهلون العديد و الكثير من النظريات العلمية وحتى إنهم يجهلون القراءة والكتابة ولم يدخلوا حتى المدارس, إنهم لم يتعلموا من الفقر و الاحتلال فهم لا يرفضون العلم تمردا على الواقع أو جهل لكنهم يريدون أن يتعلموا وتوجد فيهم طاقات و إمكانيات كبيرة كل همهم أن يحاربوا الفقر و يتخلصوا من هذا الثعبان الذي يلتف حول كل شئ مدمرا فيه ومفسد إنه الاحتلال.
ومثل هؤلاء الناس لا تجدهم إلا عندنا فأنا أعيش في حارة شعبية بالقرب من الخط الفاصل بيننا وبين العدو فأنا أعيش في غزة, و على من أكذب فالعدو يحيط بنا من كل الجهات وغزة مدينة غنية عن التعريف, حتى إنني أعتدت عندما أكتب شيئا أو قصة أو حادثا أكتبه بالتخفي خوفا من السخرية و الاستهزاء حتى وصل بي المطاف إلى حرق كتاباتي خوفا من أن يراها أحد!!
لم أرد في هذه الجلسة و حتى أنني لم أستطع أن أتكلم كثيرا وكنت أتهرب من الأسئلة الموجهة إلي حتى لا أقطع حديثهم الجميل والرائع أو لأن طعم الفشل والإحباط من المرات السابقة لم أزل أشعر به , لكنهم أعطوني جرعة منشطة و مقوية للقلب والمشاعر والأحاسيس ولعقلي كي يفكر مرة أخرى, كان أحدهم عنده حس دعابة ويحافظ على ابتسامته في كل الوقت, والأخرى كانت جادة في كلامها وسليمة الرأي, و الأخر شاعر معروف وكلهم تتجمع فيهم صفات جميلة أعجبتني كثيرا ولم أكن أعلم أن أطفالا من جيلي و أصغر من سني عندهم هذه الجرأة وهذه العقول النيرة وهذه المشاعر الصادقة التي أعلم أنها موجودة في كثير من الفلسطينيين ولكنهم يحتاجون إلى فرصة مثل التي حصلت عليها لكسر حواجز الصمت و الخوف والخجل و الجهل وليرفضوا محاولات الاحتلال لطمس هويتنا الفلسطينية . لعل أسلوبي في الكتابة ليس شيقا و اختياري للكلمات ليس موفقا ولعلني لا أجيد الكتابة أصلا لكني سأظل أكتب و أحب الكتابة أكثر من نفسي، أحب من شجعني على كسر الحواجز التي منعتني منها.؟؟؟؟