بحثتُ هنا ... بحثتُ هُناك ، لكنني لم أنتبه بأنَ السماءَ لها عيون !
أدرتُ ظهري بائسةً عابسةً مذهولةً ، ثم دقتْ الموسيقى بابَ أذني ،أذنتُ لها بالدخولِ ... نظرتُ إلى مصدرِ العزفِ
...
فوجدتُ الأقاح يرقص في السماءِ !
ناداني و قال لي برقةٍ : " هل تودينَ مشاركتنا بالرقص !؟ " ، ضحكتُ بابتسامةٍ خبيثةٍ و قلتُ : " أجل ! "
فتقدمَ أميرهم و أخذني ..رقصنا حتى المساء
لم أشعر بمرورِ الوقتِ ، فكنت لاهيةً بالرقصِ معهم ، مندمجةً مع براعمه ، مغمورة في لونهِ الأصفر العائم و الأبيض الساحر
فرغتُ كلَ ما في الوجدانِ ، و كأنني لم أكنْ مثابرةً طيلة حياتي !
تأنى الوقتَ و جاهدَ في فعلِ ذلك ! حتى توقفَ الأقاح عندَ منتصفِ الليلِ ، تشبثتُ بهِ آملةً بألا يتركني
لكنهُ ضحكَ و قالَ : " لنا أسبوعاً جديداً بالحياة ! " لم أفهم ما قالَ ! لكنني على أيةِ حالٍ تناسيتُ ؛لأننا كنا نرقص كل يومِ جمعةٍ
وكل مرةٍ كان الأقاحُ يرددُ تلك العبارة
اعتادَ القمر و الريح ، اعتادتْ السماء و تراتيل الموسيقى على لقاءِ الرقصة
و كم كثر السؤال و الثرثرة و الفضولية عن سبب عدم بيعي للأقاح كعادتي يوم الجمعة !!تغاضيتُ عن أسئلتهم مدركةً جهلهم عن لذةِ تلكَ الرقصة !
انتهى الربيع .. ثم تناهى الصيف
في يومِ الجمعةِ الخريفي ذلك ، ذهبتُ كعادتي إلى حديقةِ منزلي الخلفية ، لكن الأقاح كان قدْ عادَ مكانهُ ولم يرقص
فاستغربتُ و صرختُ : " هيا بنا نرقص أيها الأقاح "
لكنهُ لم يردَ عليّ ، ذهلت ! سألتُ كل الورود الأخرى المتواجدة في حديقةِ منزلي الأمامية
لكنهم لم يردوا عليّ !!
عدا الأرجوان ... رفدَ عليّ بإجابةٍ صقعتُ بعدها !
قال فيها : " سحرك الزمن لأنهُ يجب الأقاح ، فجعلكِ تتخيلين نفسكِ ترقصين مع الأقاحِ بما يسمى " رقصةَ الأقحوانِ ؛ كي لا تبيعيه يومَ الجمعةِ ، بالمناسبة ذلك كان معنى تلك العبارةِ التي كان يختتمُ بها لقاء الرقصة .... و الآن قد جاء الخريف و الأقاح سيموت فآثرَ أن ينفعك و اليوم هو الموعد !ِ
هل جلا لكِ الأمر الآن ؟ ! "
شعرتُ حينها بحماقةٍ لم أشعر بها من قبل
و كم أعشقُ الرقص ... لكنني لا أزالُ أفضلُ
" رقصة الأقحوانِ "