غسل وجهه بقليل من الماء،ثم لبس ردائه الأبيض المرقع ومشط شعره الخفيف ولحيته البيضاء ،ثم خرج من كوخه وأحضر عربته ووضع بها جرار الحليب ومشى وهو مبتسم قائلا:حليب طازج،حليب طازج.
اعتبر هذه المهنة التي تعود عليها منذ السادسة عشرة من أنشط وأهم الأعمال، فمن خلالها كان يرى الناس، الطرقات.. وكان السكان جميعهم يحبونه لطيبة قلبه ويعتبرونه كجد لهم.
استغرب الجميع لعدم سماع صوت الجد منذ أيام عديدة ،فقد اعتبروه كالإفطار وتعودوا على سماع صوته في كل صباح. حاول الجميع الاستفسار عن السبب ،فقرروا زيارته في كوخه وعند وصولهم كان الجد ممدا على السرير يعاني من شدة الألم ،حاول الجميع التخفيف عنه ،فمنهم من كان يحاول إضحاكه ومنهم من يضع له الكمادات ويطعمه وبعد ما اطمأنوا عليه رجعوا إلى بيوتهم ،ووزعوا على كل شخص دور كي يذهب للاعتناء بالجد وبفضل أهل قريته كان يتحسن يوما بعد الآخر حتى أصبح نشيطا ،معافيا.
في صباح اليوم التالي أحضر عربة الحليب ووضع بها الجرار وذهب لأهل قريته وأهداهم جرة حليب؛ لاهتمامهم به وفرح الجميع عند رؤيته مثلما كان سابقا ،وشعر هو أيضا بأن الجميع عائلته وظل يبيع الحليب حتى توفي ،وحزن الجميع بشدة لفراقه وكانوا يضعون الورود كل صباح عند قبره ويشتاقون كثيرا لسماع صوته مرة أخرى ولمذاق الحليب الذي لن يتذوقوا مثله أبدا لأن الذي كان يقدمه هو الجد...
الأحد، ١٦ أغسطس ٢٠٠٩
البائع المحبوب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق